كشفت مصادر طبية في المستشفى العسكري بصنعاء عن إخراج عشرات الجثث من ثلاجة المستشفى ونقلها إلى أماكن مجهولة في محاولة لإخفاء معالم الجريمة التي ترتكبها الأجهزة الأمنية بحق المتظاهرين السلميين.
وأكدت المصادر لـ"الصحوة نت" أن المستشفى العسكري كغيره من مستشفيات الشرطة استقبل خلال الأشهر الماضية عدد من ضحايا الاحتجاجات السلمية ما بين جرحى وقتلى، وهو ما كشفت عنه في وقت سابق منظمات حقوقية، حيث اتهمت أجهزة الأمن المركزي والحرس الجمهوري باختطاف جثث عشرات الشهداء والجرحى ومنع إسعافهم عقب المجازر التي ارتكبتها بحق المتظاهرين سلمياً في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات منذ انطلاق ثورة التغيير في فبراير الماضي.
مصادر أمنية أكدت من جهتها لـ"الصحوة نت" أن الجثث التي تم نقلها من المستشفى العسكري بصنعاء هي لضحايا احتجاجات ثورة الشباب، وأن نقلها من ثلاجة المستشفى تأتي ضمن حملة أمنية واسعة لإخفاء معالم جرائم قتل العمد التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية بحق المتظاهرين سلمياً، وتشمل تلك الخطة أيضا التواصل مع اسر الشهداء الذين شُيعوا من ساحات وميادين الحرية والتغيير في المحافظات لإقناعها بالتنازل عن دم أبناءها مقابل مبالغ مالية كتعويضات.
وتؤكد ذات المصادر أن لهذه التحركات الأمنية صلة بلجنة التحقيق الدولية التي أقرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إرسالها إلى اليمن لتقويم أعمال العنف ضد المتظاهرين سلميا المطالبين بالتغيير، خاصة بعد أن فشلت السلطات الأمنية تأجيل زيارة تلك اللجنة الدولية إلى يونيو.
وكانت الأجهزة الأمنية فشلت في إخفاء جثة أحد شهداء مجزرة الأربعاء الماضي بحي الزراعة بالعاصمة صنعاء، بعد أن تمكنت من اختطافه جريحا عقب المجزرة ونقله إلى المستشفى العسكري الذي فارق الحياة فيه.
وقالت مصادر حقوقية لـ"الصحوة نت" إن السلطات الأمنية بالمستشفى العسكري حاولت إخفاء جثة الشاب المهندس "توفيق الشامي" بعد استشهاده متأثرا بجراحه التي أصيب بها في مجزرة الأربعاء الماضي من خلال رفضها التواصل مع أسرته التي كانت قد عرفت بالخبر من أحد أطباء المستشفى كان على علاقة بوالد الشهيد، حيث بادر بالتواصل معه، والذي صادف حضوره أثناء محاولة إخفاء الجثة.
ونقلت المصادر الحقوقية تأكيدات عن شهود عيان بوجود عشرات الشهداء والجرحى في المعتقلات الأمنية والبوليسية التابعة للنظام، مؤكدين في السياق ذاته أن هناك فرق أمنية مخصصة للقيام بمهام اختطاف الجرحى والشهداء عقب كل مجزرة.
وذكر أحد شهود العيان إنه وأثناء ما كان يحاول إسعاف احد زملائه الذي أصيب بطلق ناري في الرأس في مجزرة يوم الديمقراطية أمام مدينة الثورة الرياضية تفاجأ بوقوف سيارة تاكسي(أجرة) لمساعدته في إسعاف الجريح، لكنه وبمجرد أن تم إدخال الجريح "ممداً" إلى المقعد الخلفي للسائق، وقبل أن يتمكن من فتح باب السيارة الأمامي للركوب بجوار السائق، تفاجأ بانطلاق السيارة بسرعة فائقة، وتفاجأ أكثر عندما لم يجد زميله الجريح بالمستشفى الميداني ليتأكد له بأن سائق التاكسي لم يكن سوى بلطجياً تابعاُ لإبليس وللنظام، وليس فاعل خير كما ادعى.
وذكر شاهد عيان آخر، وفقا للجنة القانونية بساحة التغيير بصنعاء، أن جنود من الأمن المركزي اخذوا بالقوة من بين يديه جثة لأحد الجرحى المصابين بطلق ناري في العنق أثناء محاولته إسعافه، حيث قام جنود الأمن بأخذ الجريح فوق الطقم إلى جهة مجهولة بينما تمكن الشاهد المذكور من الفرار.
وكانت منظمة هود كشفت في وقت سابق عن وجود مقبرة جماعية في منطقة ارتل بصنعاء، دُفن فيها عشرات الجثث مع الفجر بالتزامن مع إخراج أكثر من 15 جثة من المستشفى الجمهوري بصنعاء بعد 5 أيام من مجزرة الأمن المركزي والحرس بحق شباب الثورة في جولة كنتاكي مساء التاسع من ابريل.
وقالت المنظمة إنها تلقت بلاغ من مصادر طبية في المستشفى الجمهوري بإخراج جثث لعدد من ضحايا مجزرة كنتاكي ونقلها عبر سيارة هايلوكس، وبعد أقل من 12 ساعة تلقت بلاغا من الأهالي بوجود مقبرة جماعية في منطقة ارتل دفن فيها أكثر من 15 جثة فجراً.
وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أعلنت الجمعة إنها حصلت على موافقة السلطات اليمنية لإرسال بعثة لتقويم أعمال العنف التي تخللت التظاهرات الأخيرة ضد النظام في اليمن.
وقال روبير كولفيل المتحدث باسم المفوضية في لقاء صحافي "تلقينا أمس تأكيدا من البعثة الدائمة (السفارة) في جنيف انه يمكننا إرسال بعثة إلى اليمن".
وأضاف إن المسئولين اليمنيين "اقترحوا أن نذهب إلى هناك نهاية حزيران/يونيو لكننا نرغب في الذهاب قبل ذلك" موضحا أن المفوضية العليا على استعداد لإرسال بعثة "بأسرع ما يمكن".
وأعربت مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي عن قلقها إزاء ما قالت انه "استخدام غير متناسب للقوة" من جانب سلطات البلاد ضد متظاهرين سلميين.