عبد الصبور , هو :
محمد صلاح الدين عبد الصبور يوسف الحواتكى ,
ولد عام 1931 , فى مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية فى مصر ,
وهو من مؤسسى الشعر الحر فى الوطن العربى , كما يعد من الشعراء البارزين الذين أسهموا مساهمات بارزة فى التأليف المسرحى .
توفى هذا الشاعر الكبير فى عام 1981 فى القاهرة .
معنا اليوم قصيدة لهذا الشاعر الكبير تحمل بصماته فى تطوير الشعر العربى (أغنية ولاء )
وتلتمع فى هذه القصيدة مفردات التجربة الشعرية , مفصحة عن معجم الشاعر , الذى يجسم صدق مُعاناته , وإبداع تصويرة , وكمال تعبيره ,
هنا العرش ,والحرير , والمخمل , والألماس, والرقيق ,والخادم السميع ,وشمله الإحرام ,والمحمل ,والنور المفضفض المهيب ,
عالم من الخشوع والرفعة والتسامى , يقابله وجه من الذل والخضوع والإنخراط فى الموكب .
هذه الطبقية التى تذكرنا بطبقات الصوفية , ولكن فى حقيقتها هى بعض تجليات النفس الصوفى عند الشاعر صلاح عبد الصبور ,
إن ما تحمله هذه القصيدة من وهج ونداوة , يمثل وجها ً من وجوه الحقيقة الشعرية عند واحد من رواد حركة التجديد الشعرى فى أحدث صوره , من خلال ما اصطلح على تسميته بحركة الشعر الجديد أو الشعر الحر أو شعر التفعيلة .
روح شعرية ممتدة وموسيقى نفاذة وعميقة الإنسياب والتدفق والجريان , وصور شعرية تتراكم وتتآزر وتشكل بنية شعرية متماسكة وموضحة عن معناها الكلى ودلالتها الشعورية والوجودية .
لم يصطنع الشاعر تقليداً أو محاكاة وإنما هو إبداع بلغة شديدة الحيوية والجموح والتجدد ,
هى لغة صلاح عبد الصبور , تلك اللغة التى شاغلت شاعرنا وراودته طويلا ً ,
وهون يبدع فى كتابته لهذه القصيدة ( أغنية ولاء)
أغنية ولاء , للشاعر صلاح عبد الصبور
صنعت لك
عرشا ً من الحرير , مخملى
نجرته ُ من صندل
ومسندين تتكى عليهما
ولجة من الرخام , صخرها ألماس
جُلبت من سوق الرقيق قينتين
قطرت ُ من كرم الجنان جفنتين
والكأس من بللور
أسرجت ُ مصباحا ً
علقته ُ فى كوة فى جانب الجدار
ونوره ُ المفضفض المهيب
وظله ُ الغريب
فى عالم يلتفت فى إزاره الشحيب
والليل قد راحا
وما قدمت أنت , زائرى الحبيب
هدمت ما بنيت
أضعت ما اقتنيت
خرجت لك
على أوافى محملك
ومثلما ولدت ُ {غير شملة الإحرام}
خرجت لك أسائل الرواد
عن أرضك الغريبة , الرهيبة الأسرار
فى هدأة المساء , والظلام خيمة سوداء
ضربت فى الوديان , والتلاع والوهاد
أسائل الرواد
ومن أراد أن يعيش فليمت شهيد عشق
أنا هنا ملقى على الجدار
وقد دفنت فى الخيال قلبى الوديع
وجسمى الصريع
فى مهمة الخيال قد دفنت قلبى الوديع
ياأيها الحبيب
معذبى , ياأيها الحبيب
أليس لى فى مجلس السنى َ حبوة ُ التبيع
فإننى مطيع
وخادم سميع
فإن أذنت إننى النديم فى الأسحار
حكايتى غرائب لم يحوها كتاب
طبائعى رقيقة كالخمر فى الأكواب
فإن لطفت هل إلى رنوة ُ الحنان
فإننى أدل بالهوى على الأخدان
أليس لى بقلبك العميق من مكان
وقد كسرت فى هواك طينة الإنسان
وليس ثم ًّ من رجوع
معانى الكلمات
نجرته ُ = صنعت نجارته
صندل = نوع من أنواع الخشب النادر وغالى الثمن
ألماس = هو أغلى أنواع الأحجار الكريمة
قينتين = المفرد قِن , وهو العبد الذى كان أبوه مملوكا ً لمواليه
كرْم = شجر العنب
جفنتين = المفرد جَفّنَ وهو جفنة فيها طعام
أسرجت مصباحا ً = أنرت مصباحا ً
التلاع = المفرد التلعة , الأرض المرتفعة
الوهاد = المفرد الوهدة , الأرض المنخفضة
